2- شباطوريا الجديدة
ملئت الدموع عينيه وهو يري أسوار مدينته أخذة في الابتعاد بدت من بعيد في الوسط بين صحراء الغرب و حقول الشرق درة ذهبية ، آه يا شنباطورية أيتها العاهرة الحنون أيتها الفاجرة الكريمة أين أجد مثلك في هذا العالم ، آه يا مباني من السباب و شوارع من سؤ الفهم ، آه يا قلب العالم و عقله المفقود ،كم سأفتقدك يا مدينة الفوضى و الطيبة و سؤ الخلق .
سيطر عليه أحساس الغربة و هو الذي لم يكد يبتعد عن مدينته سوي ساعات قليلة ، فتح خريطة البلاد أمامه حتى يختار وجهته ، كان الاختيار عسير فالبلاد مترامية الأطراف تقبع شنباطوريا في منتصفها تماما ، كما قال والده تمتلئ البلاد بالحكماء ، هل يذهب شمالا حيث البحر الواسع و الطقس الجميل أم جنوبا مع مسار النهر حيث الجو الحار و العادات الراسخة الممعنة في القدم أم إلى الغرب حيث يعيش الطيبون بلهجتهم الصعبة أو إلى الشرق حيث البحيرة المالحة العظمى و الجبال و قبائل الصيادين .
أخيرا أختار مساره قرر أن يبدأ جنوبا ثم يتجه شرقا حتى البحيرة المالحة العظمى ثم يسير موازيا لساحل البحيرة حتى أقصى الشمال حيث تلتقي مع بحر الشمال ليمضى موازيا لساحل بحر الشمال حتى أقصى الغرب و بعدها أما أن يجد الحكمة أو يترك البلاد عبر الحدود الغربية مع بلاد ذيل أبي الفقيا ، مضى مرتجلا فقد كان الصباح في تباشيره المبكرة و لم تبدأ المواصلات بعد في العمل ، ما أن ترك أخر ملامح المدنية لضواحي شباطوريا حتى بدء ظهور العمران من جديد حيت كان يمر على بدايات شباطوريا الجديدة تلك المنطقة التي ظهرت منذ عشرون سنة كأحد ضواحي شباطوريا ثم انفصلت لتصبح مدينة مستقلة بعد ظهور سليمان النمكي بها .
نعم ، سليمان النمكي لماذا البحث بعيداً ، يا لك من غبي أيها العسوقل ، سليمان هو أحكم الحكماء بالتأكيد فهل من دليل و مرشد للحكمة أفضل ممن يعرف سر الكلمات ذلك الذي تحدي السلطة و حكم مدينة كاملة يسميها الكثير من الناس يوتوبيا العصر كل هذا و لم يره أحد أو تظهر له صورة بإحدى الصحف أو شريط فيديو على آي من الفضائيات و لا حتى تسجيل صوتي بآي من الإذاعات ، أنشرح صدر العسوقل للفكرة مع ظهور الشمس ، تذكر قريبه المهاجر إلى شباطوريا الجديدة و قرر أن يذهب عنده سيقيم بتلك المدينة حتى يكشف سر سليمان النمكي ، كان علي يقين أنه سيجده ، فكل من بحث عن الرجل كان بهدف أن يقتله أو يزج به إلى السجن أو يربح من وراء كشف سره لوسائل الأعلام التي رصدت الملايين من أجل حديث مع هذا الرجل أو حتى مجرد صورة ، نعم دخل العسوقل المدينة و كله أحساس بالتفاؤل فأنه سيأتي بما لم تستطيعه قناة الجزيرة .

